اَخر الأخبارالطاقات المتجددة

خبراء يؤكدون أن تنفيده “ضرورة ملحة”: “ديزارتيك”.. مشروع واعد للنهوض ببرنامج التنويع الاقتصادي

تتوجه الجزائر نحو الاعتماد مستقبلا على الطاقات المتجددة لاسيما الطاقة الشمسية، وإعادة احياء مشروع “ديزارتيك” بالشراكة مع ألمانيا، يندرج ضمن هذا المسعى، وهو مشروع ينتظر منه الكثير من الجانب الاقتصادي والاجتماعي، اذ ينظر إليه على أنه “ضرورة وحتمية لا مفر منها” إذا أرادت الجزائر الحفاظ على مخزونها من الطاقات الأحفورية-التقليدية- وعدم استنزافها في إنتاج الطاقة الكهربائية وما قد ينجر عنه من احتمال تحولها من بلد منتج لهذه الطاقات إلى مستورد لها، خصوصا وأن الجزائر تمتلك من الطاقات المتجددة الكثير ما يسمح لها من انتاج الكهرباء عبر هذه الطاقات، ودون تكاليف كبيرة، وتمكنها من تغطية الاستهلاك المحلي المتزايد يوما عن يوم و الذهاب إلى التصدير.
عاد مشروع “ديزارتيك” للواجهة من جديد بعد أن غاب لفترة تقارب العشر سنوات، إذ عاد بمجيء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي وضع ضمن أوليات برنامجه الاقتصادي الاعتماد على الطاقات المتجددة، لاسيما الطاقة الشمسية، في إنتاج الكهرباء، ومنها تسطير برنامج لإنتاج 15 الف ميغاواط من الكهرباء آفاق 2030.
فبعد تعيين حكومة عبد العزيز جراد مباشرة بدأت مشاورات مع الشركاء الألمان للتحضير لاتفاقية تسمح بوضع إطار للمحادثات وإعادة بعث الاتصال بخصوص المشروع الذي يهدف إلى إنجاز محطات الألواح الشمسية بهدف تحقيق انتقال طاقوي على أسس تكنولوجية عالية.
وكان من المقرر توقيع اتفاقية بين المؤسسة الوطنية “سونلغاز” والشركاء الألمان بداية شهر أفريل الجاري، لكن تأجل ذلك بسبب وباء “كورونا”.

أحمد طرطار: “المشروع واعد للطرفين وسيسمح للجزائر بالاستفادة من التكنولوجيات العالية في مجال الطاقة”

وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي أحمد طرطار في تصريح لـ”الجزائر”، إن “ديزارتيك” “مشروع واعد وفكرته تعود الى ما بين سنتي 2009-2011، لمجموعة الشراكة بين دول شمال إفريقيا وأوروبا عامة وكان بتمويل من مجموعة نادي روما”، والجزائر اليوم أعادت إحياءه اليوم، وهو واعد بالنسبة للجزائر وحتى كذلك بالنسبة للشركاء الألمان، فهو سيسمح بإنتاج الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقات المتجددة وبعيدا عن الطاقات التقليدية كما سيسمح للجزائر من الاستفادة من التكنولوجيات المتطورة التي تمتلكها ألمانيا في هذا المجال، أما بالنسبة للشركاء الألمان فهم-يقول طرطار-شغوفون بهذه الشراكة، ويدركون الإمكانيات الطبيعية والمناخية التي تتوفر عليها الجزائر ما يجعلهم متيقنين أن المشروع سيكون ناجحا، وأكد المتحدث أن الألمان “مطلعون على النتائج الجيدة للمشروع المماثل والذي سبقتنا إليه الجارة المملكة المغربية، ولذا فهم متحمسون له”.
وفي رده عن سؤال حول الفترة الزمنية التي سوف يستغرقها المشروع لنلمس نتائج جيدة على أرض الواقع، قال طرطار، إنه “ضمن دفتر الشروط الخاص بالمشروع والذي لحد الآن لا توجد تسريبات كبيرة حوله، فأكيد تم تحديد كل التفاصيل حول الفترة الزمنية التي سوف يبدأ العمل به، التمويل الخاص به، والتكنولوجيا التي سوف تستعمل في المشروع ومدى قدرت الجزائر في تطبيقها، كما تحدد الوقت الذي يجب أن تظهر نتائج المشروع على أرض الواقع إضافة إلى تحديد القيمة والفوائد المالية لكل طرف”.
وأكد الخبير الاقتصادي ذاته، أن المشروع “سيكون رابح لكلا الطرفان، الجزائري باستفادته من تكنولوجيا تسمح له باستغلال الإمكانيات المناخية والطبيعية وتحويلها إلى طاقات مستغلة بتكاليف أقل، ومن الجانب الألماني فهو يدرك إنه إذا لم يحظى بهذه الفرصة هذه المرة-أي الشراكة مع الجزائر-فلن يحظى بها في يوم ما”، ويرى طرطار أن الطرف الألماني “يسعى بكل جهده لإتمام عملية الإمضاء على المشروع قبل –ربما أن تحدث ظروف أخرى قد تعقيها، أو أن تحاول مثلا فرنسا الدخول على الخط مجددا لإفساد الصفقة”.
وعن توقعاته للمكاسب التي سوف تحققها الجزائر اقتصاديا من هذا المشروع، إن كان بإمكانه تحقيق تغطية شاملة أو على الأقل تغطية جزء من الاستهلاك المحلي للكهرباء، وإن كانت هناك فرصة للتصدير، قال الخبير الاقتصادي، أن هذا المشروع هو “برنامج في الأصل مخصص لمنطقة شمال المتوسط، والجزائر لما تستعين بالتكنولوجيات المتطورة، فإن الإنتاج سيكون وفيرة لا محالة، وبالتالي تكون هناك إمكانية كبيرة لتغطية الاستهلاك المحلي وحتى للتصدير لبلدان المنطقة كتونس، ليبيا، مصر وحتى التوغل في الدول الافريقية”، وأضاف قائلا: “وهذا يبقى مرتبط بالتخطيط الإيجابي لهذه الشراكة ونحن متفائلون بذلك”.
وعن تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقات المتجددة، أكد الخبير الاقتصادي أن هذه الطريق غير مكلفة نهائيا، فالطاقة الشمسية يتم تخزينها تم إعادة استعمالها، وهذا العمل غير مكلف.

عبد الرحمان عية: “المشروع ضروري لتغطية الاستهلاك المتزايد للكهرباء وللحفاظ على الطاقات الأحفورية”
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمان عية في تصريح لـ”الجزائر”، أن مشروع “ديزارتيك” الحالي “مختلف عن مشروع “ديزاتيك” الذي كان من المفروض إطلاقه ما بين سنتي 2009-2011، فلكل إيجابيات قد تختلف عن الأخر وربما قد تكون الإيجابية الأكبر في مشروع اليوم تتعلق بنوعية التكنولوجيا التي سوف تستخدم، فاليوم هناك استخدام لأحدث التكنولوجيات التي توصلت إليها ألمانيا وهذا سيخدم المشروع اقتصاديا”، واعتبر عية أنه إذا كان هذا المشروع في السابق ينظر إليه كمشروع واعد، فهو اليوم ينظر إليه كـ”ضرورة ملحة” لا بد من إنجازه في أقرب الآجال، خصوصا بعد الارتفاع الكبير المسجل في الطاقة الكهربائية والناجمة عن ارتفاع عدد السكان والتوزيع الكبير لعدد السكنات الجديدة، وأوضح الخبير الاقتصادي، إنه ورغم تسجيل ارتفاع نسبي في إنتاج الكهرباء ما بين سنتي 2017-2019، و الذي حدد بـ 5 بالمائة، بعد إنشاء 13 مركز شمسيا بأدرار، إلا أنه للأسف هذا الارتفاع في الإنتاج لم يكن متناسقا مع ارتفاع السكان وارتفاع عدد التجمعات السكنية، إذ تشير الأرقام إلى أنه في هذه الفترة الزمنية-أي بين سنتي 2017-2019 زاد عدد المشتركين بـ 800 ألف، ما يجعل الإسراع في إنجاز هذا المشروع أمر ضروري للغاية، وذلك حتى لا تضطر الجزائر إلى رفع الإنتاج عن طريق استخدام الطاقات الأحفورية-التقليدية- وحتى لا يتم استهلاكها بكميات كبيرة ونقع فيما كانت قد حذرت منه شركة سونطراك من أنه إذا استمر استغلال الغاز في انتاج الطاقة الكهربائية بهذه الطريقة الهائلة فسوف تجد الجزائر نفسها مضطرة بعد سنوات إلى استيراد الغاز، وقال إنه وجب استبدال الغاز بالطاقات المتجددة في انتاج الكهرباء، خصوصا وأن هذه المادة-أي الغاز الطبيعي- لا بد من المحافظة عليها باعتبارها تكاد تكون المورد الوحيد مع النفط لجلب العملة الصعبة عن طريق تصديرها.
للإشارة، كان وزير الطاقة محمد عرقاب قد أرجع أسباب تأجيل توقيع مبادرة “ديزرتيك” والذي كان من المنتظر توقيعها بين المجموعة الدولية ومجمع سونلغاز بداية أفريل الحالي، إلى تداعيات وباء “كورونا”، وأوضح أول أمس، في هذا الصدد أن المشاورات متواصلة عن بعد بين الرئيس المدير العام لسونلغاز وممثلي مبادرة “ديزرتيك” لتوقيع الاتفاقية في الأيام المقبلة.
وتشمل مذكرة التفاهم بين الطرفين اتفاق تقني وآخر يهتم بالجانب التكويني لإعداد دراسات دقيقة في الميدان حول امكانيات الجزائر في مجال الطاقة الشمسية، وأضاف أن هذا المشروع هو واحد من تلك التي تضاف إلى مشاريع أخرى لتجسيد استراتيجية الطاقات البديلة والبحث عن نموذج استهلاكي ناجع للطاقة.

الجزائر

Author Details
اتصال رقمي
×
اتصال رقمي
Latest Posts