إسماعيل كحلوش: هذه المبادرات تزرع في المواطن ثقافة الاعتناء بالبيئة والمحيط
تعيش الجزائر على وقع نشاط بيئي غير مسبوق، من خلال إطلاق حملة تشجير مليونية عبر مختلف ولايات الوطن، في مبادرة وطنية تعبر عن التزام الدولة والمجتمع، لإعادة الاعتبار للطبيعة ومواجهة آثار التغيرات المناخية التي باتت تهدد التوازن الإيكولوجي وصحة الإنسان، وذلك في ظل تراجع كبير للغطاء النباتي بسبب الحرائق المتكررة، والتوسع العمراني غير المنظم.
وتعمل السلطات مؤخرا، عبر مختلف الهيئات والقطاعات الوزارية، على تعزيز الوعي البيئي وترسيخ ثقافة التنمية المستدامة لدى المواطنين، بداية من إطلاق العديد من الحملات والمشاريع الوطنية البيئية التي جاءت كخطوة أولية نحو حماية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، فضلا عن المبادرات الجماعية والفردية الخاصة بعمليات التنظيف التي تقودها الجمعيات البيئية والنوادي الخضراء من أجل القضاء على النفايات والحفاظ على المحيط، والتي لاقت تجاوبا كبيرا من قبل الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الموضوع ، أكد المختص في البيئة وصاحب مشروع لإدارة النفايات المنزلية إسماعيل كحلوش لـ”الشروق”، أن حملة “مليون شجرة” تعد مبادرة رمزية كبرى تحمل دلالات بيئية وتنموية عميقة، مشيرا إلى أن الجزائر خطت خطوات إيجابية نحو ترسيخ الوعي البيئي الحقيقي من خلال هذه المبادرات الميدانية التي تزرع في المواطن ثقافة الاعتناء بالبيئة والمحيط، إلى جانب ذلك اعتبرها استجابة عملية لمواجهة مظاهر التصحر والتلوث وتدهور الغطاء النباتي، مؤكدا أن التشجير من أنجع الوسائل لاستعادة التوازن الطبيعي وحماية التنوع البيولوجي، فضلا عن دوره في تحسين نوعية الهواء والحد من الانبعاث الكربوني.
أشار محدثنا إلى أن الوضع البيئي في الجزائر يحتاج إلى رؤية وطنية شاملة تتجاوز الحملات الظرفية والمناسباتية، وأن لا تبقى البيئة مجرد قطاع وزاري ثانوي لأنها بحسبه – أساس نجاح التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا، وثمن الخبير بالجهود التي تبذلها السلطات بالتعاون مع الجمعيات المحلية والنوادي البيئية من أجل إعادة تأهيل الغابات المتضررة من الحرائق ودعم عمليات الغرس عبر مختلف المناطق.
وفي السياق ذاته، دعا كحلوش إلى ضرورة مرافقة هذه الحملة بحملات ومبادرات بيئية، من خلال تشجيع الاستثمار في الطاقة النظيفة ودعم الابتكار في مجالات تدوير النفايات والاقتصاد الدائري واستغلال الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية والريحية، مؤكدا أن الجزائر تمتلك إمكانات كبيرة تؤهلها لتكون نموذجا في الاقتصاد الأخضر إذا تم استثمارها بالشكل الصحيح.
وأضاف أن ذلك يتحقق من خلال العمل على رفع نسبة المشاريع المتعلقة بحماية البيئة، منها الاستثمار في الطاقة النظيفة، ودعم البحث العلمي وكذا تشجيع الابتكار في مجالات تدوير النفايات والاقتصاد الدائري واستغلال الطاقات المتجددة، على غرار الطاقة الشمسية والريحية.
ويرى الخبير أن التجارب الميدانية الصغيرة التي أطلقتها الجمعيات والمبادرات الفردية للنوادي الخضراء أثبتت أن المواطن الجزائري أصبح أكثر وعيا بضرورة حماية محيطه، مشيرا إلى تجربته الميدانية في إطلاق برامج ومشاريع حول فرز النفايات المنزلية وإعادة التدوير، باستغلال التكنولوجيا الحديثة والتطبيقات الذكية، التي تسهل على المواطن المساهمة في حماية المحيط بصفة عامة، قائلا إن هذه المبادرات شارك فيها المئات من الشباب والمتطوعين، حيث لاقت صدى واسعا في الأحياء والمؤسسات التربوية، مشيرا إلى أن الطريق ما يزال طويلا أمام تحقيق منظومة متكاملة لحماية البيئة، خاصة في ظل ما نعيشه اليوم من اختلالات مناخية وتوسع عمراني غير مدروس، إضافة إلى التلوث الصناعي والحرائق المتكررة.
الشروق أونلاين





