النفايات الاستشفائية ارتفعت بـ 13 % في 2020
تواجه البيئة في الجزائر تحديات كبيرة في غياب ثقافة بيئية رغم أنها شهدت صحوة في بداية الجائحة، لمنع تفشي كوفيد- 19، ورغم ذلك ما تزال الجهود متواصلة وتبذل في هذا الإطار، لإيجاد حلول مناسبة وفعالة للمشاكل التي تعاني منها على الصعيد المحلي عبر تطوير استراتيجيات وطنية وخطة عمل تتعلق بالشؤون البيئية والتنمية المستدامة.
إلى جانب تبني عدد من البرامج القطاعية لمعالجة بعض المشاكل البيئية سيما النفايات باختلاف أنواعها، أو بضمان حصة لها في مختلف البرامج الاقتصادية .. سيما ما تعلق بالتوجه نحو الطاقة المستدامة والنظيفة كخيار لابد منه ناهيك عن إعادة النظر في الأطر القانونية وتحسينها والتركيز على الجانب التوعوي والتحسيسي.
أما على الصعيد الدولي فهي دائما في مقدمة اهتمامات الدول الموّقعة على الاتفاقيات التي تعني بالبيئة، كل هذا ناقشته «الشعب ويكاند» مع وزيرة البيئة نصيرة بن حراّث.
«الشعب ويكاند»: تمسّ الإستراتيجية الوطنية للبيئة عدة محاور، لكن تبقى التحديات كبيرة نتيجة تراكمات عديدة ساهمت في تدهور المشهد البيئي رغم الجهود المبذولة، ما هي قراءتكم للوضع البيئي بالجزائر؟
نصيرة بن حرّاث: رغم الجهود المبذولة فإن الوضع البيئي في الجزائر لا يزال يحتاج منا إلى عمل كبير لتلبية تطلعات المواطن من جهة وجعله قطاعا اقتصاديا منشئا للثروة من جهة أخرى.
إن تكلفة الأضرار وعدم الفعالية البيئية تقدر بحوالي 1200 مليار دينار جزائري سنويا، وهو ما يمثل 6.9 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المرجعية 2015.
كما تشير التقديرات إلى أن النسبة بين تكلفة الأضرار وعدم الفعالية البيئية وتكلفة معالجة هذه الأضرار في بلادنا تتراوح بين 3 و3.5، أي أن كل 01 دج يتم استثماره في حماية البيئة سيؤدي إلى اقتصاد أكثر من 3 دج كمكاسب في شكل تجنب الأضرار.
على هذا الأساس تم إعداد الإستراتيجية الوطنية للبيئة لتحقيق الالتزام رقم 33 لرئيس الجمهورية، وهو « ضمان إطار معيشي نوعي يحترم متطلبات التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة»، وفي إطار هذه الإستراتيجية التي تمت المصادقة عليها في مجلس الوزراء، يتم حاليا تنفيذ الانتقال الإيكولوجي والانتقال الإيكو اجتماعي اللذين سيسمحان لنا بتحقيق الاهداف المسطرة.
تقليص نسبة ردم النفايات إلى 15 % آفاق 2024
– ما هي مساهمة قطاع البيئة في إنعاش الاقتصاد الوطني؟
على غرار كل القطاعات، وزارة البيئة عازمة على المساهمة في إنعاش الاقتصاد الوطني، وهذا من خلال الاقتصاد الدائري، فقد أثبت التسيير الحالي للنفايات محدوديته بحيث نقوم بردم 34 مليون طن من النفايات بكل أنواعها سنويا، وهذه الوضعية تتطلب تطوير التسيير الحالي للنفايات لجعله مستدام.
نهدف إلى تقليص نسبة دفن النفايات بـ 15 ٪، آفاق 2024 ومكافحة هدر الموارد وإنشاء مناصب الشغل والثروة، وفي هذا الصدد، نحن بصدد تحيين القوانين لتنظيم شُعب النفايات، حيث نظمنا اجتماعات مع مختلف الفاعلين، المنتجين، المستوردين، الجامعيين، المرسكلين، والمجتمع المدني من أجل جرد واقعي للوضع الحالي وضمان انخراط ومشاركة الجميع، هذه الشعب ستسمح بتزويد الخزينة بما يقارب 25 مليار دينار كل سنة.
– المستفيد الأكبر من جائحة كوفيد-19 في العالم هي البيئة، ما هي انعكاسات ذلك على الوضع في الجزائر، خاصة على المحيط الايكولوجي؟
لا يمكن الحديث عن ايجابيات الجائحة التي سجلت إلى غاية اليوم أكثر من مليوني إصابة وفاة و95,6 مليون إصابة بهذا الفيروس عبر العالم، بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة التي تسببت فيها للاقتصاد العالمي.
من جهة أخرى، استفادت البيئة من الإجراءات التي اتخذت لمحاربة تفشي الوباء كوقف الحركة والتنقل والإنتاج والتصنيع بحيث جعلت الملوثات البيئية تتراجع بشكل كبير في الأشهر الأولى للجائحة، مما أسفر عن الحد من تلوث الهواء وانخفاض غير متوقع لانبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري بحسب ما عرضته صور وكالة ناسا.
ولكن رغم هذه الانعكاسات الإيجابية، اليوم مع العودة إلى الحياة يعود التلوث إلى ما كان عليه قبل التلوث، ولذا التحدي الأكبر هو كيفية المحافظة على البيئة في ظل الحياة العادية.
16 رخصة جديدة للتكفل بالنفايات الاستشفائية
– تطرح النفايات الخطيرة الاستشفائية خاصة في ظل كورونا العديد من الإشكاليات، سيما من حيث التكفل بها، ما حجم هذه النفايات، هل هناك تجديد للرخص الممنوحة في هذا المجال، وهل تم توسيع قائمة الناقلين لتغطية الاحتياجات المتزايدة؟
زيادة حجم النفايات الاستشفائية، خلال سنة 2020 كان بنسبة 13 ٪، ويتم التكفل بها سواء من خلال الردم والحرق إذا كانت متواجدة على مستوى المؤسسة الاستشفائية أو من طرف المؤسسات الخاصة المرّخص لها من طرف دائرتنا الوزارية من 80 مؤسسة لجمع هذه النفايات، 19 لحرقها زيادة على و276 نقطة للحرق داخل المؤسسات الاستشفـائية.
لمجابهة فيروس كورونا دعونا العديد هذه المؤسسات للتكفل بها في أقصى الآجال، وتدخلت وزارة البيئة لإعانة 27 مستشفى المتواجدة عبر 25 ولاية والمعنية بالتكفل بالمصابين بالفيروس وكان أوّل تدخل لنا بمستشفى فرانس فانون الذي تراكمت فيه النفايات وزوّدناها أيضا بمحرقة متنقلة.
من جهة أخرى، كلفنا الوكالة الوطنية للنفايات بمرافقة كل المستشفيات، خلال هذه الجائحة وأنجزنا مع وزارة الصحة دليلا لمستخدمي قطاع الصحة تم توزيعة على كل المستشفيات خاص بكيفية التعامل وتسيير هذه النفايات في المستشفيات.
عملت وزارة البيئة لتسهيل الإجراءات وتقليص مدة معالجة طلب الاعتماد لكل العملاء الراغبين في جمع ومعالجة وحرق هذه النفايات، وفي هذا الصدد تم منح 16 اعتماد منذ شهر مارس2020.
..99 مركز ردم تتحوّل لاحقا إلى مراكز تثمين النفايات
– تعاني المنشآت المخصّصة للتسيير المتكامل للنفايات حالة من التشبّع، ما هي الاجراءات الكفيلة لضمان استدامتها، وهل هناك تفكير في مشاريع أخرى أو الاستفادة من التقنيات المستحدثة في هذا المجال؟
النفايات هي ثروة حقيقية مهدورة، في سنوات 2000 كان الرمي عشوائيا للنفايات ومفارغ عشوائية خنقت المواطن، ولمجابهة هذه الظاهرة تم إنشاء المفارغ العمومية المراقبة ومراكز الردم التقني وصل عددها 99 على المستوى الوطني بينت محدوديتها، حيث وصلت الى حالة التشبّع ومع تضاعف عدد السكان تضاعف حجم النفايات.
هدفنا اليوم هو تحويلها إلى مراكز تثمين النفايات من خلال الفرز الانتقائي، الرسكلة والتثمين، بحسب مبادئ الاقتصاد الدائري.
بومرداس ووهران ولايتان نموذجيتان
– إلى أين وصل التوّجه نحو الفرز عند المصدر؟
التوجه نحو الاقتصاد الدائري أصبح اليوم حتمية لا رجعة فيها، الفرز الانتقائي الخطوة الأولى التي نعمل على تجسيدها في الأيام المقبلة في المؤسسات العمومية والإدارات، الجامعات، الإقامات الجامعية، الفنادق، المركبات السياحية والأماكن العمومية وستكون ولايتي بومرداس وهران كولايتين نموذجيتين لذلك.
وموازاة مع ذلك نعمل على تنظيم شُعب (فروع) رسكلة وتثمين النفايات، كما نقوم بحملة اتصال أخضر تضع المواطن في قلب كل المراحل وتشجّع المبادرات الفردية والجماعية في هذا النطاق، نحن نعتقد أن مشاركة المواطن شرط أساسي في نجاح هذه الخطوة.
– وماذا عن الاقتصاد الأخضر؟
الاقتصاد الأخضر ركيزة في إستراتيجيتنا نحو الانتقال الإيكولوجي، يهدف هذا إلى التوجه نحو التكنولوجيات الخضراء الأقل تلوثا واستهلاكا للطاقة والأنشطة التي تهدف إلى حماية البيئة أو التسيير المستدام للموارد الطبيعية والذي يعطي الأولوية للوقاية على العلاج ويلزم المؤسسات المصنفة بالتصرف بطريقة مسؤولة.
في هذا الصدد، بدأنا بتعزيز المهن الخضراء الموجودة في العديد من القطاعات الاقتصادية من أجل المساعدة في الحد من استهلاك الطاقة، الموارد الخامة، المياه وكذا الحد من انبعاث الغازات الدفيئة أو تجنب كل أنواع النفايات، جسدنا ذلك من خلال إطلاق منذ الدخول الدراسي تكوينات بشهادات في 5 شعب تخصّ الحرف الخضراء بالتنسيق مع وزارة التعليم والتكوين المهنيين.
– أنشئت خلية لمرافقة حاملي المشاريع وتوجيه الشباب نحو إنشاء مؤسسات ناشئة في المجال البيئي، إلى أين وصلت العملية، وماهي المجالات التي استقطبت الشباب؟
نصّبت خلية لمرافقة وتوجيه الشباب حاملي المشاريع وأصحاب المؤسسات الناشئة في المجال البيئي، وفي شهر نوفمبر 2020 شرعت هذه الخلية في استقبالهم، بعد تسجيلهم في الموقع الإلكتروني للوزارة عبر الخانة المخصّصة لذلك استقبالهم وتوجيههم ومرافقتهم فيما يخص مشاريعهم المتعلقة بالقطاع البيئي، هذه المرافقة تكون فيما يتعلق الدعم الإداري، واستقبلنا عددا كبيرا من المسجلين في عدة مجالات منها رسكلة النفايات، التنوع البيولوجي، التحسيس البيئي، الاتصال البيئي، نوعية الهواء.
المجتمع المدني شريك في الانتقال الايكو- اجتماعي
– تتعامل الوزارة مع متعاملين من جمعيات ومؤسسات في التكفل بالأعمال الرامية إلى تحسين الإطار المعيشي، ما تصوّركم لهذه الشراكة؟
الجمعيات البيئية وفعاليات المجتمع المدني شريك أساسي لتجسيد إستراتيجيتنا في الميدان فيما يتعلق بتنفيذ الانتقال الإيكو اجتماعي وبرهنت على ذلك من خلال عملها المتواصل معنا خصوصا فيما يتعلق بالتحسيس والتوعية مع دور البيئة.
خلال جائحة كورونا كان لها دور كبير في مرافقتنا عبر كل ولايات الوطن سواء في حملات التعقيم التي قمنا بها لمختلف المؤسسات والهياكل أو حتى صناعة الكمامات وتوزيعها مجانا وأيضا تحسيس المواطن بإتباع التدابير الوقائية للحماية من الفيروس، في القوافل وحملات التنظيف والغرس أيضا عرفت مشاركة قوية لها، وهو ما شهدناه مؤخرا في الحملات المنظمة من طرف مديرياتنا الولائية لتنظيف الغابات المحروقة وعمليات الغرس حفاظا على ثروتنا الغابية.
نظرا للدور الكبير الذي تلعبه هيكلت دائرتنا الوزارية أرضية رقمية للجمعيات تضم 800 جمعية تسمح بتحيين القائمة الوطنية للجمعيات الناشطة في مجال البيئة والوصول إلى بيانات ومعلومات مدققة حولها.
– ما هي مجالات الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص؟
نسعى لتطوير التعاون مع القطاع الخاص في كل المجالات التي تخص دائرتنا الوزارية،خاصة في مجال رسكلة النفايات، الشراكة بين كل الفاعلين مهمة لإظهار معالم الإستراتيجية أو سياسة جديدة للمضي نحو الاقتصاد الدائري والأخضر .
– هل هناك مشاريع مبرمجة في إطار التعاون الدولي وما طبيعتها؟
تتطلب وزارة البيئة بحكم مهامها وأنشطتها التقنية دعما دوليا في المجالات التالية:
مكافحة تغير المناخ، المحافظة على التنوع البيولوجي، حماية النظم البيئية الطبيعية والمجالات المحمية، الحماية من التصحر، حماية وتسيير الساحل مكافحة التلوث البحري والصناعي، التسيير المدمج للنفايات، وتعزيز وتطوير الاقتصاد الأخضر والدائري، التنظيم البيئي والضرائب، التكوين و التحسيس البيئي.
في إطار هذه الشراكة تم إطلاق عدة مشاريع مهمة، أذكر لك أبرزها:
التعاون مع ألمانيا في مجال تسيير النفايات ببعض البلديات النموذجية، تعزيز شعب رسكلة وتثمين النفايات، حماية البيئة والمحافظة على التنوع البيولوجي، ومع التعاون مع الإتحاد الأوروبي يتم – إعداد البرنامج الإقليمي لترقية الاقتصاد للانتقال إلى أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامين والاقتصاد الأخضر، ومع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إعداد بعض الوثائق الخاصة بالقطاع، التعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة دراسة مشروع حول التسيير المدمج للغابات، وكذا التعاون مع الإتحاد الدولي لحماية الطبيعة إطلاق برنامج تدعيم المجتمع المدني.