يخوض صاحب مستثمرة فلاحية في شعبة زراعة الزيتون بولاية ورقلة، أول تجربة بالمنطقة في تقنية السقي بالتقطير باستخدام الطاقة الشمسية، والتي اعتبرها رهان مستقبلي في الإستفادة من امتيازات الطاقات الجديدة في تطوير الفلاحة سيما بمناطق الجنوب.
ويرى السيد محمد الحاج عجابي، في تصريح لـ (وأج)، أن اعتماد الطاقة الشمسية في السقي الفلاحي “تعد مسألة في غاية الأهمية بالنسبة للفلاحة العصرية، باعتبارها طاقة نظيفة وغير ملوثة، ومن شأنها أيضا أن تساهم وبشكل كبير في الاستغلال العقلاني للثروة المائية الجوفية، فضلا على أنها غير مكلفة مقارنة بتكاليف استعمال الكهرباء الفلاحية والأعباء المالية الشهرية الثقيلة التي يتحملها الفلاح”.
وبالمناسبة، وجه السيد عجابي نداء إلى فلاحي ولايات الجنوب للتوجه نحو استغلال الطاقات المتجددة المتاحة بوفرة بهذه المناطق الجنوبية لأغراض تطوير القدرات الفلاحية، لما توفره هذه الطاقات النظيفة من عديد الإمتيازات التي من شأنها أن تساهم – كما أضاف– في تخفيف الكثير من الأعباء على الناشطين في المجال الفلاحي.
وقد عزم السيد عجابي على اقتحام استعمال هذه التقنية الحديثة في سقي أشجار الزيتون بمزرعته بغرض تجسيد رغبته في استخدام الطاقات الجديدة في مجال الفلاحة، علما بأنه يحمل درجة مهندس في مجال البترول، وهو في نهاية العقد الخامس من عمره، وقد قضى 28 سنة في أنشطة التنقيب عن الذهب الأسود بالمنطقة قبل أن يغير مساره المهني نحو الإستثمار في الذهب الأخضر.
السقي بالتقطير باستخدام الطاقة الشمسية…نموذج فلاحي ناجح
ويملك هذا الفلاح مزرعة الزيتون “زرهونة” الواقعة بمحيط الرويسات بمنطقة كوم العظم ( 15 كلم شرق مدينة ورقلة) التي استحدثت مؤخرا، ويعتبرها بمثابة ”تحدي كبير” في مشواره الفلاحي الجديد بالنظر إلى الخصوصيات الطبيعية الصعبة التي تتميز بها تلك المنطقة.
وقد استفاد من قطعة أرض قاحلة بمساحة قوامها 5ر7 هكتار في إطار برنامج الإستصلاح الزارعي، وبذل بها جهدا كبيرا لتهيئتها وجعلها قابلة للزراعة، وقد خصصها لشعبة زراعة الزيتون، مع عزمه على خوض تجربة اعتماد تقنية السقي بالتقطير باستخدام الطاقة الشمسية.
وصمم وبمساعدة يد عاملة محلية مسارات أنابيب السقي الفلاحي وفق ما يتطابق مع الشروط التقنية لإستعمال الطاقة الشمسية، كما قام بحفر بئر (عمق 103 متر) وإنجاز حوض للسقي.
واستعان كذلك بشركة ألمانية مختصة في مجال تركيب الألواح الشمسية، حيث خصص سطح غرفة مبنية بذات المزرعة لوضع 21 لوحة شمسية ، بإمكانها تشغيل جهاز كهربائي بقدرة 4.000 وات ، مثلما جرى شرحه.
وتحصي هذه المزرعة حاليا ما مجموعه 2.121 شجرة زيتون من صنف “الشملال” مغروسة على مساحة قوامها 5ر5 هكتار، فيما يرتقب غرس 1.800 شجيرة زيتون أخرى على ساحة 5ر1 هكتار المتبقية ، وذلك في إطار زراعة الزيتون بالطريقة المكثفة.
وتشكل هذه المستثمرة الفلاحية التي استحدثت في فترة وجيزة واحدة من النماذج الفلاحية “الناجحة” بولاية ورقلة في شعبة زراعة الزيتون وتنفرد باستعمالها الطاقات المتجددة في السقي الفلاحي.
ويهدف هذا المشروع الفلاحي مستقبلا إلى الإستغناء عن استغلال الطاقة الكهربائية في المجال الفلاحي وترشيد الموارد المائية الباطنية من خلال استعمال تقنية السقي بالتقطير ، فضلا عن تطوير الإنتاج من زيت الزيتون بالمنطقة وبالتالي تحقيق الإكتفاء الذاتي ، كما أشير إليه.
والجدير بالذكر أن مسألة إدماج الطاقات المتجددة في الفلاحة تعد واحدة من تحديات الإستثمار في مجال الطاقة الشمسية بالجزائر باعتبارها بديلا مستقبليا ناجعا للمساهمة في الرفع من وتيرة الإستثمار الفلاحي والصناعي ، وذلك ضمن التوجهات الجديدة للاقتصاد الوطني.
الصوت الآخر