تشكل عملية مراقبة المياه بولاية الجزائر، أهمية كبيرة بالنظر إلى دورها الكبير في تفادى الأمراض والأوبئة، التي يزداد انتشارها في هذا الفصل الحار، حيث توجد قرابة 400 نقطة لتوزيع أو صرف المياه، تستدعي مراقبة دائمة من طرف مختلف المصالح والقطاعات التي تتبع مختلف المؤشرات، التي من شأنها أن تضر بالصحة العمومية للمواطنين، لاسيما أن أي تلوث يمس مادة الماء والموجه للشرب خصوصا، تكون نتيجته كارثية، وباستطاعته إحداث ما لا يُحمد عقباه، مثلما حدث العام الماضي بشأن انتشار داء الكوليرا الذي أثار الجدل وأسال الكثير من الحبر.
تُعد الجزائر العاصمة من الولايات التي تحرص على نظافة الماء، سواء الموجه للشرب والاستعمال المنزلي، أو مياه السقي والسباحة، حيث تشترك في مراقبة هذه المهمة الحساسة عدة مصالح تنسق فيما بينها للحفاظ على البيئية والصحة العمومية، ومنها الري والموارد المائية والبيئة والصحة ومكاتب النظافة بالبلدية والمؤسسات المكلفة بتحليل المياه، وعلى رأسها مؤسسة النظافة الحضرية وحماية البيئة لولاية الجزائر (إيربال سابقا)، وهي هيئة ذات طابع صناعي وتجاري، هذه الأخيرة ينتشر تقنيوها وأعوانها بكل بلديات العاصمة للقيام بعدة مهام، منها محاربة الحشرات الضارة والحيوانات المتشردة وتحليل المياه، يساعدها في ذلك امتلاكها مخبرا مرجعيا يُعد الوحيد على المستوى الوطني، وتُعهد إليه مهمتا تحليل المياه وكذا المواد الغذائية.
وذكر لنا مدير مؤسسة النظافة الحضرية وحماية البيئة لولاية الجزائر مصطفى حميمي، أن مراقبة نوعية المياه تُعد من بين أهم المهام التي تقوم بها مؤسسته، مؤكدا أن في مجال مراقبة مياه الشرب يقوم تقنيو المؤسسة بالتعاون مع مكاتب النظافة في البلديات، بمراقبة مياه الشرب سواء الآتية عبر القنوات، أو الموجودة بالآبار والينابيع. وفي هذا السياق أفاد محدثنا بأن المؤسسة بحوزتها خارطة تواجد هذه المصادر، يُبنى عليها مخطط العمل السنوي، كما تقوم بتحيين المعلومات واستقائها من مختلف المصالح المعنية بهذا الأمر.
وقال السيد حميمي إن مؤسسة النظافة الحضرية وحماية البيئة لولاية الجزائر، قامت بين الفاتح جانفي إلى غاية 19 جوان المنصرم، بأخذ 3933 عيّنة من مياه الشرب وتحليلها بكتيريولجيا. أما بالنسبة لمراقبة مياه السباحة فأفاد المصدر بأنه تم، في الفترة نفسها، أخذ 356 عيّنة من مياه البحر و230 عينة من مياه المسابح وتحليلها، وكذا 164 عينة من مياه البحر، و140 عملية للتحاليل الفيزيوكيمائية، خاصة النباتات البحرية التي تنمو في الصخور وتلفظها مياه البحر وتنتشر في حيز السباحة. ويتم رفع حجم تحاليل مياه البحر خلال موسم الاصطياف بمعدل 4 مرات شهريا، بينما يصل في غيرها إلى مرتين، علما أنه يوجد بولاية الجزائر 69 شاطئا، منها 7 شواطئ ممنوعة فيها السباحة.
قرابة 400 نقطة مياه تمسها التحاليل
وتُعد عملية تحليل المياه من الأهمية بمكان بالنظر إلى سرعة انتشار الأمراض عن طريقها، لا سيما أنه يوجد ببلديات العاصمة قرابة 400 نقطة توجد بها المياه، سواء الجارية أو الراكدة، ويتعلق الأمر بـ 25 واديا دائم الجريان، منها 15 واديا تصب في البحر، إلى جانب 33 قناة للربط بمياه الصرف الصحي، و13 قناة بها مياه مختلطة بين طبيعية ومستعملة و25 قناة لصرف مياه الأمطار، وقناتان للمياه الصادرة من الوحدات الصناعية، فضلا عن 130 نقطة سوداء للتخلص من مياه الصرف الصحي، و14 مطمورة مفتوحة السطح و176 مطمورة مغلقة، وكل هذه الأماكن التي توجد بها المياه تُعد نقاطا تشتغل عليها مؤسسة النظافة الحضرية وحماية البيئة لولاية الجزائر، وتنسق الجهود مع مختلف المصالح ذات الصلة، حيث تقوم بتحويل نتائج التحاليل إلى مديرية الصحة والبيئة بالخصوص، لتمكين المختصين من التدخل في الوضعيات الحرجة، مثلما حدث العام الماضي مع وباء الكوليرا، الذي زرع المخاوف، وصار هاجسا كبيرا، حرك جميع القطاعات المحلية والمركزية.
من جهته، أكد مدير الوقاية بمديرية الصحة والسكان بولاية الجزائر الدكتور بوجمعة آيت أوراس في اتصال هاتفي، أن التنسيق جار مع كل المصالح، لاسيما تلك التي تخص مراقبة المياه لتفادي مخاطر انتشار الأمراض المتنقلة في هذا الوسط، وأنه تبعا للتقارير التي تصل المديرية وتحمل المعلومات الدورية عن نوعية المياه والبيئة عموما، تؤخذ في الحسبان عملية التوجيه الصحي، وأخذ الاحتياطات اللازمة، وإسداء النصائح الوقائية لمختلف المصالح، منها مكاتب النظافة وحفظ الصحة بالبلديات، التي يوجد بها ممثل عن مديرية الصحة ووزارة الفلاحة، لمتابعة ملفات مراقبة نوعية المياه والمواد الغذائية.
المساء